وصلتنا المجلة المحلية الجديدة الشهرية المتخصصة بقضايا الفقراء والحاملة لإسم «المستور»، وشعرنا بالمفاجأة والذهول، لأن صدورها يعبر عن حالة نادرة غير مألوفة، ولأن معضلة الفقر تحتاج الى هذا النمط من المجلات، كي تصور اوضاع الفقراء، وكي تصف اسلوب معيشتهم، وكي تسعى الى طرح المساعدات والحلول لمعالجة ما يكابدون منه، كالبؤس والحاجة والضنك، وكي تحاول ان تعثر على مسرب لتخفيف الظاهرة الاجتماعية. وكما حدث في فترة سابقة، حيث تشكلت وزارة «جديدة» للتنمية الاجتماعية، فإن ترخيص مجلة «المستور» واصدارها اعتباراً من أول حزيران، تعتبر خطوة ثانية نحو مسألة الفقر بشكل عام، ومسألة الفقر المدقع بشكل خاص، سواء أكان ذلك للوصف والتصوير والتسجيل والكتابة الجادة والكتابة الساخرة التي يتميز بها رئيس التحرير الزميل احمد ابو خليل، ام للمعالجة العامة او التخفيف او التحسين لحالة الشقاء. وحرصا على سلامة الوطن واستقراره وأمنه، فإن التركيز على القضايا الاساسية، موضوع هام وملح، لأنه يساعد على التوصل الى حلول مناسبة أو حلول متاحة، ولا نقول انها حلول مثالية او نموذجية. فالفقر قضية، والبطالة قضية، وهما قضيتان متوازيتان. لأن الفقر يساهم في ترسيخ البطالة، ولأن البطالة تساهم في تعميق الفقر. وهذا ما يجعلنا نقدر الدور الذي يقوم به الدكتور التربوي والاكاديمي المرموق عبدالله عويدات، وهو يشغل منصب وزير التنمية الاجتماعية، والدور الذي يقوم به الكاتب المميز والصحفي المعروف أحمد ابو خليل، وهو يشغل موقع رئيس تحرير مجلة «المستور» كما يجعلنا هذا، أن نطالب الحكومة ببذل كل جهد ممكن، ودراسة كل خطة متاحة، لمنع توسع مساحة الفقر، او لتخفيضه اذا كان ذلك ممكنا، كما نطالب بفتح ابواب جديدة واضافية، كي تسمح بالعبور الى ظاهرة الفقر وطرح تفاصيل مشكلاتها، وتناول كل ما يفيد او يؤدي الى دعم هذه الشريحة الكبرى. ومن يقرأ مجلة «المستور» الظريفة والجذابة، يعتقد في الوهلة الاولى انها تتطرق الى جوانب معروفة او نقاط مألوفة، لكنه يعود في الوهلة التالية الى الاعتقاد بأن التصوير والكتابة حول مواقع مميزة بالفقر، تشبه ما كان يقال سابقا، وما يزال يتكرر في المناسبات المرتبطة بالمأثور. وهو «السهل الممتنع» بمعنى ان القارئ عندما يفكر في أن مقدرته الشخصية تجعله يقدم المواقع المميزة بالفقر، يحاول ان ينفذ ذلك، لكنه يفشل فشلا ذريعا، ويرى نفسه ممتنعا عن الوصول الى الشرائح السهلة، ولذلك، فإن السهولة المتوفرة في مجلة «المستور» هي سر الجاذبية وسر الموضوعية، وهي التي تذكرنا بما كان يقال حول كتابات اللبناني المرحوم جبران خليل جبران، حيث كان بعض القراء يرى ان كتاباته بسيطة وسهلة ومتواضعة، وعندما يحاول هذا البعض ان يكتب شيئا مماثلا لكتابات جبران، يكتشف انه فاشل، ويدرك ان هذه الكتابات الجبرانية تدخل تحت شعار «السهل الممتنع». ومما ورد في «المستور» يصعب سرده كاملا، ولذلك فإننا نحتار ذكر بعض التقارير والمقالات والتحاليل المنشورة في هذه المجلة، مثل: «سويمة» جيب فقر وجيب عولمة، وعمان لا تستريح في اليوم السابع، والفقراء يزينون بيوتهم ايضا، والفقر في عقول الباحثين ام على ارض الواقع، والفقر الانثوي والواقع التسلطي، واطفال الحارات يلعبون كثيرا! ... والخ ... أي ان «المستور» تحتوي على صنوف واشكال عديدة من الموضوعات الخاصة بالفقر، ويبدو أنها ستواظب على هذا التخصص، مع ميلنا الى مشاركات الادباء والكتاب، بحيث تنشر لهم «المستور» قصصا وقصائد وتحليلات نقدية لها صلة بالفقر. ولعل ما جرى تقديمه من كتاب لمؤلف بنغلادشي، جعل مترجمة المصري أن نظام مصر يراعي الثقافة المحلية .. وهو ـ حسب اعتبارنا ـ اشارة الى موافقة رئيس التحرير على قبول اقتراحنا .. والله الموفق!.