رفض الصين توسيع مجلس الامن الدولي واعتبارها الصيغة التي قدمتها اربع دول تسعى للجلوس في مقاعد هذا المنبر الدولي الدائمة (ألمانيا، البرازيل، اليابان والهند) كونها صيغة ستؤدي الى تدمير وحدة المجلس وتراصه (..) كما ستخرج المشروعات الضخمة (....) لادخال اصلاحات الى الأمم المتحدة عن مسارها.. يمكن القول ان بكين اشهرت وفي وقت مبكر.. البطاقة الحمراء امام احتمال كهذا ما يعيد الامور الى نقطة الصفر او قريبا منها وبالتالي عودة الجدل المحتدم الى الصدارة في تعبير غير خاف على أحد للمواجهات الاقليمية ذات الطابع الدولي والمرتبطة بالنفوذ والجغرافيا السياسية وخلق معادلات واصطفافات جديدة بعضها آخذ في البروز والتشكل وبعضها الآخر في طور الاعداد والترقب والاختبار. ولنبدأ من حيث انتهت اليه العلاقات اليابانية الصينية التي وصلت ذروتها في البرود وربما التوتر المفضي الى قطيعة في الملابسات التي رافقت زيارة نائبة رئيس الوزراء الصيني لطوكيو وقيامها بالغاء اجتماع مقرر سلفا مع رئيس الوزراء الياباني كويزومي بذريعة ان امورا داخلية صينية تحتم عليها العودة الى بلادها فورا ما اثار استياء اليابان الشديد لعدم وجود مبرر كهذا ايضا ناهيك عن ان المسؤولة الصينية هبطت في منغوليا واجتمعت بقادتها قبل ان تغادر الى بلادها التي لم يرصد الاعلاميون والدبلوماسيون أحداثا داخلية تستدعي قطع الزيارة وكانت «رسالة» ارادت بكين ارسالها الى طوكيو بأن العلاقات الثنائية غير مرشحة للتحسن في المدى الوشيك والمتوسط على خلفية كتب التاريخ المدرسية الجديدة التي تجاهلت مذابح وارتكابات اليابانيين خلال استعمارهم لبعض مناطق الصين الساحلية وكذلك اصرار رئيس الوزراء كويزومي على زيارة نصب الجندي المجهول الذي يرمز للذين قضوا في الصين وكوريا. واذ هناك من يربط بين تصعيد صيني مقصود للمشاعر القومية الصينية وغض بكين النظر عن المظاهرات «العنيفة» التي تم تنظيمها (بل هناك من يتهم الحكومة الصينية بترتيبها) فان الموقف الراهن ازاء مذكرة الاربعة (برلين، برازيليا، نيودلهي وطوكيو) تعكس ما تم التخطيط له مسبقا في بكين لاحباط مسعى جلوس اليابان في مقعد مساو لها في ارفع هيئة دولية ذات تأثير على السلم والأمن الدوليين اضافة الى المكانة التي تمنحها عضوية دائمة في مجلس الأمن. صحيح ان بكين عندما ترفض صيغة الاربعة انما تغامر باغضاب الثلاثة الآخرين التي ترتبط معهم بعلاقات جيدة وأكثر مثل المانيا والبرازيل وبدرجة اقل مع الهند التي ازدادت حرارة العلاقات الثنائية بينهما بعد زيارة رئيس الوزراء الصيني الاخيرة لنيودلهي وتوقيعه اتفاقات لانهاء الخلافات الحدودية عبر ترسيم الحدود في المناطق التي شهدت حربا بينهما في ستينات القرن الماضي واتفاقات اخرى وصفت بأنها استراتيجية ناهيك عما تمخضت عنه اجتماعات ثلاثية انتهت للتو (يوم اول من امس الخميس) بين وزراء خارجية روسيا والصين والهند قيل ان الوزراء الثلاثة دعوا الى «اصلاح منظومة العلاقات الدولية» في الوقت الذي اكدوا فيه وجود رؤية مشتركة ازاء المشكلات الدولية والاقليمية ونيتهم في توسيع قاعدة الشراكة الثلاثية لمواجهة «التهديدات الجديدة» دوليا واقليميا.. على ما نقلت وكالات الانباء. نقول هل تُغضب بكين، نيودلهي بموقفها هذا ام ان الاخيرة (مع برلين وبرازيليا) تدرك ان الرسالة موجهة الى طوكيو وحدها وان اي صيغة اخرى جديدة تستبعد اليابان ستكون مقبولة على بكين لاحقا؟ من المهم الاشارة الى ان الصين لا تستطيع استخدام الفيتو اذا ما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة ادخال «اصلاحات» على صيغة مجلس الامن الراهنة تطال عضويته وهناك اقتراح من قبل الأربعة (المانيا، البرازيل، الهند، اليابان) يقضي برفع عدد الدول دائمة العضوية ليصبح (9) بدلا من خمسة حاليا فيما تضاف (6) الى الدول غير دائمة العضوية لتصبح 16 بدلا من عشرة ما يعني ان عدد اعضاء مجلس الامن سيصبح (وفق الاقتراح) 25 عضوا.. صاحبة القرار اذا هي الجمعية العامة والاصوات المطلوبة هي 128 صوتا من اصل 191 هم اعضاء الامم المتحدة حتى الان اي ثلثي الأعضاء.. فهل هذا العدد متوفر؟ ثمة شكوك بأن تسري الامور وفق الثقل العددي فهناك واشنطن بالمرصاد وهي التي اعلنت رفضها لمقترحات الأمين العام كوفي أنان لاصلاح الامم المتحدة ورأت انها غير عملية ولا تصلح للتخلص من هذا «الخراب» الذي تعيشه المنظمة الدولية والامر واضح لأنها غير راضية عنه بعد موقفه من شرعية الحرب على العراق، ورأينا كيف استغلت فساد برنامج النفط مقابل الغذاء الذي تورط فيه نجله وطالبت باستقالته كذلك فانها (واشنطن) لا تريد لدولة مثل المانيا ان تصبح عضوا دائما لأسباب جيوسياسية واستراتيجية تشاركها في نظرتها بريطانيا وايطاليا حيث الاخيرة ترفض بشدة أن تكون برلين مثل باريس عضوا دائما في المجلس. اذا ارادة واشنطن وبكين توافقتا في هذا الملف رغم التباين بينهما في مسائل دولية كبيرة مثل الموقف من تايوان والتجارة الدولية وعلاقات واشنطن الاستراتيجية مع الهند والانتشار العسكري في اواسط اسيا والخليج العربي. احتمالات نجاح بكين وارد لكنه مرتبط ايضا بمدى موافقة واشنطن التي قد تقلب الطاولة. [email protected]