وزارة التربية والتعليم، اعلنت صراحة قبل ما يزيد عن شهر، انها اصدرت تعليماتها الى المدارس كافة، بوقف تكليف الطلبة اعداد البحوث، واعتبار هذه البحوث جزءا من الواجبات المدرسية التي ترصد لها درجات تمثل نسبة معينة من الدرجات النهائية لتقويم اداء الطالب، مما كان يدفع اولياء الامور الذين يعتنون بأبنائهم عناية تامة ومتواصلة، الى مشاركتهم في اعداد هذه البحوث، سواء اكان ذلك عبر البحث عن المصادر التي تتضمن معلومات عن موضوعات تلك البحوث، او حتى اعداد هذه البحوث بأنفسهم، خوفا من ضياع الدرجات على ابنائهم، بعد ان صارت «الدرجة» او «العلامة» سمها ما شئت هي الهدف الاول والاساسي من العملية التعليمية ليس عند نهاية المرحلة الثانوية - التوجيهي - فحسب، بل ان المنافسة تحتدم بين الطلبة.. او اولياء امورهم - على العلامة ومنذ الصف الاول.
وحين وصل الامر الى حدود المبالغة، ارتفعت اصوات العديد من اولياء الامور، تدين مبدأ البحوث هذه ، التي صارت تمثل عبئا جديدا على كواهلهم، اضافة الى اعباء المتابعة الدراسية في المنزل، والتي تؤكد النظم التربوية الحديثة، على انها يجب ان تتم في المدرسة وليس في البيت كما هو حاصل الان، بحيث غدت المدرسة امكنة للتنزه في حين تتم العملية التعليمية في المنزل وتقوم على «الاستذكار» او الحفظ فقط، بعيدا عن مبادئ التعلم الحديث التي تقوم على المحاكمة والتعلم عن طريق التحليل والاستنباط والمتابعة والمشاركة التي لا يمكن ان يمتلك اولياء الامور جميعا، القدرات والمهارات والاساليب العلمية لتنفيذها في البيت وهم يقومون على تدريس ابنائهم، حتى ثارت تساؤلات عديدة عما يفعله المعلم في الصف، ما دام على اولياء الامور القيام بالمهمة التدريسية.. اضافة الى ما فرض عليهم مؤخرا من مهمة اعداد البحوث، ولقد استجابت وزارة التربية لاحتجاجات اولياء الامور هذه، فاصدرت تعليماتها بوقف العمل بتكليفات البحوث للطلبة، وجاء هذا عبر تصريحات اعلنها وزير التربية والتعليم نفسه، الا انه وكما يبدو لم تصدر عن الوزارة تعليمات خطية تفيد بأن يتوقف المعلمون عن تكليف الطلبة باعداد هذه البحوث، حيث استمرت مدارس عديدة في الطلب الى طلبتها انجاز بحوث حول مباحث يدرسونها، وعندما اشير الى هذه المدارس، بان وزير التربية والتعليم صرح بوقف العمل بهذا النظام، كانت الاجابة ان هذه المدارس لم يصلها تأكيد مكتوب على ما صرح به الوزير، يلغي التعليمات الخطية السابقة، التي طالبت بأن يكون اعداد البحوث جزءا اساسيا من مكونات العملية التعليمية، على ان يتم تقييم هذه البحوث، بعلامات تشكل جزءا من مكونات العلامات النهائية التي يحصل عليها الطالب في هذا المبحث او ذاك.
قد لا يكون قرار الالغاء بالكامل.. صائبا تماما، كما كان قرار التكليف بالشكل الذي نفذ فيه.. خاطئا تماما، فالبحث كأحد وسائل الوصول الى المعلومة وتوظيفها بالشكل السليم، مكون اساسي من مكونات العملية التعليمية التعلمية، ما دام احدث تعريف لهذه العملية يقول ان هدفها «تعليم المتعلم كيف يتعلم»، لذا فان على وزارة التربية اصدار تعليمات مكتوبة.. ان لم تكن اصدرتها بعد .. وايصالها الى المدارس كافة.. ان كانت بعض المدارس لم تصلها بعد.. ومن ثم اصدار تعليمات جديدة تنظم موضوع البحوث هذه، بحيث لا تكون اعباء جديدة على الطلبة لا يقدرون عليها، فيلجأون الى اولياء الامور، الذين ليس عند كاهلهم مكان او متسع لاعباء جديدة، يقدرون على حملها ويقدر يومهم المليء بالمهام والتكليفات على توفير الوقت اللازم لانجازها.. فهم يبعثون بأبنائهم الى المدارس، كي يستريحوا من عناء تعليمهم وليس لهدف اخر.
(نزيه..)
