هاشم سلامة - لكل مهنة منتسبوها وممارسوها، وقد لا يعرف العدد الكثير من المهنيين والعاملين ما يترتب على ممارسة اعمالهم من بعض النتائج المزعجة، والمؤلمة والتي قد تتحول الى امراض ان لم يتم تداركها، والتخفيف من نتائج ممارسة هذه الاعمال او تلك المهن. ولعل في بعض الامثلة التالية ما يفيد القارئ او من يعمل في مهنة ما، بما يساعد في تجنب النتائج المرضية.
* ديسك العنق والعمود الفقري العلوي:
ان اكثر الناس تأثرا بآلام الفقرات العنقية والظهرية هم الصحفيون والكتاب الذين يقضون وقتا طويلا في الانحناء تجاه طاولاتهم ومكاتبهم، بما يرتب ارهاقا وتعبا على فقراتهم العنقية والظهرية التي تبدأ بآلام وتعب وقد ينعكس هذا التعب والالم على اليد التي يستعملها الكاتب والصحفي. ولتجنب هذه المتاعب، فإن على صاحب هذه المهنة اولا: استخدام نظارة طبية لكي توفر له مسافة كافية بين عينيه وطاولته او كتابه، بما سيخفف من انحناء ظهره وعنقه باتجاه اوراقه التي يكون منشغلا بها، كما ان عليه ان يدع مجالا ووقتا كافيا للراحة والاسترخاء اثناء ممارسته لمهنته. وينسحب هذا الامر كذلك على الطلبة في شتى مراحل دراستهم.
* دوالي الساقين:
ان من تستدعي طبيعة اعمالهم الوقوف طويلا هم الاكثر اصابة بدوالي الساقين والشرج بسبب الضغط والتعب الذي يرتبه عملهم على الدورة الدموية الوريدية العائدة صعودا الى القلب. فالمدرسون، والشرطة على مربعات تنظيم السير والاطباء والممرضات في غرف العمليات تحديدا، والحلاقون هم الاكثر وقوفا.. حيث يسبب وقوفهم طويلا ضغطا على الاوردة الصاعدة من الساقين الى القلب، وبالتالي قصورا جزئيا ونسبيا في صمامات الاوردة التي تنظم دفقات الدم الصاعد الى القلب، ونتيجة لذلك فإن طول مدة احتقان الدم في الساقين لدى هؤلاء الناس قد يفضي الى تمدد في جدران اوردة الساقين.. وربما تتكون خثرات دموية، ولتجنب ذلك فإن على هذه الشريحة من العاملين، التمشي بين الفينة والاخرى اثناء ممارسة عملهم وممارسة حركات رياضية للساقين بما ينشط دورة الدم فيهما وان يقوموا بنوبات استرخاء وراحة. وقد ينسحب هذا الامر على دوالي الشرج التي ربما تتحول الى بواسير شرجية عند السواقين الذين يقضون اوقاتا طويلة في قيادة مركباتهم خصوصا مركبات النقل طويل المدى والامد.
* التحسس الجلدي والقصبي:
يعاني بعض العاملين في مصانع الادوية والمواد الكيماوية احيانا من تحسس جلدي بسبب طول الملامسة للمواد الكيماوية والادوية التي يعملون بها، وقد يحدث ذلك للممرضات والاطباء والصيادلة في المستشفيات الذين يتداولون العلاجات، ويمكن التخفيف من ذلك او تجنبه، بابتعاد اولئك الحساسين عن مصدر المشكلة ما امكن، وتوفير سبل السلامة المهنية من قبل المؤسسات التي يعملون بها كارتداء القفازات اليدوية الواقية من الملامسة والكمامات الطبية، وينطبق ذلك على العاملين في مناجم الاسمنت والفوسفات، والذين يشتهر بين بعضهم ما يعرف بالتكلس الرئوي الذي يقيد حركة واتساع انسجة الرئتين، فهؤلاء ايضا يجب ان توفر لهم دائرة الصحة الصناعية في المصانع التي يعملون بها سبل الوقاية الكافية، وهنالك الكثير من هذه المشاكل الصحية في مصانع البطاريات وما شابهها، خصوصا تلك التي يمثل الرصاص مادة رئيسية في صناعتها، بسبب تأثير الرصاص على كريات الدم، وفي هذه الحالة يجب ان يخضع العاملون الى فحوصات دورية، وتوفير سبل الوقاية الكافية لهم، وكذلك وجبات طعام غنية بالبروتين، والحديد ومنشطات تكوين الدم، والكالسيوم لحماية الاسنان.
اما في مجال السمع، فإن العاملين في مجال الاتصالات الصوتية ربما يشكون من طنين في الاذن نتيجة تعرضهم لهذا الكم الهائل من الاتصالات، وبالتحديد العاملون في المقاسم ومحطات استقبال الرسائل الصوتية، وهؤلاء بحاجة الى اجهزة واقية وهي عبارة عن سماعات استقبال تحور الاصوات الآتية اليهم الى نسبة من الذبذبات تتفق ومعايير الصحة العالمية.
ان الامثلة والمجالات التي تتعلق بالامراض المهنية والصحة الصناعية كثيرة جدا، لذا لا بد من اجراءات وقائية صارمة وفعالة تلزم المصانع والمعامل وتفعيل دور الصحة المهنية وكفاءتها، والتي لا يكاد تشريع يخلو منها عالميا، والمهم اكثر تطبيق هذه التشريعات بشكل حازم حتى تتوفر للعاملين والمهنيين اقصى درجات الوقاية. ففي الدول المتقدمة هنالك امكانيات فنية ومالية كبيرة توفر لدوائر الصحة والسلامة المهنية نظرا لما يمثله العمال والمهنيون من عنصر هام وكبير في تقدم الانتاج ومضاعفته.
عن صفحة تربية علوم تكنولوجيا - الرأي
