ربما تكون الفقرات الخاصة بالابراج او قراءة البخت ، القاسم المشترك بين البرامج الصباحية في الفضائيات العربية ، والحقيقة انها فقرات جذابة ، ولكن جاذبيتها ترتفع او تقل حسب شخصية قارىء البخت وطاقاته في التأثير عليك، فبعضهم يستطيع ان يذوب توقعاته في ملامحه، ويمرر عليك هذه المراوغة اللذيذة ، والبعض الاخر لا يحسن ذلك فتدرك انك امام «همبكة» مفتعلة ، لا تثير اهتمامك ولا تشد فضولك .
المشاهد وقارىء البخت او القارىء والمقروء يتبادلان هذا البوح الحلو حول الشريانات المهمة في الحياة : الحب، النجاح ، المال ، المستقبل، وبعض قراء البخت المهرة يعطونك حلولا سحرية لكل هذه الامور في جملة واحدة ، تجعلك تنسى فواتير الكهرباء وارتفاع اسعار المحروقات ، وتنسى كل خيباتك على الاقل في وقت مشاهدة البرنامج .
قارىء البخت القديم، او قارئة البخت التي كنا نعرفها قبل الفضائيات اكثر ابهارا، فقد كان قراء البخت قديما من كبار السن الذين يمتلكون خبرات طويلة في الحياة ويمكن ان ترى تأثير العمر على ملامحهم ، وملابسهم واكسسواراتهم تقربك اكثر من عالم السحر والحدوس، ولهم لغة مسجوعة ومنمقة تثير فضولك وتجعلك تصغي باهتمام لما يقولون ، اما قراء الفضائيات فمظاهرهم تلفزيونية واداؤهم تلفزيوني، وتعتمد على نفسك في قراءة البخت والتخيل والتفسير اكثر مما تعتمد عليهم.
في اغنية قارئة الفنجان ، لاحظنا كيف اثرت العرافة على القصة والبطل الذي تاه في القفار، وهو يحقق نبوءة العرافة ، ذات الملامح الحادة ، التي كانت تلقي حجاراتها في الرمل، وتقرأ مصيره المجهول.
بعض الفضائيات التي تقدم هذه البرامج بحذق واتقان ، تقدم لك تحليلات مقنعة ومعلومات تثير الاهتمام ، وتدرك انك تشاهد موضوعا دقيقا، والتلفزيون الاردني الذي لحق بالركب متأخرا ، لا يمتلك التصور الذي تمتلكه تلك الفضائيات، حيث يقدم الموضوع بحياد تام ودون معلومات، وكأن قارىء البخت يقرأ موضوع انشاء لطالب في الصف الخامس.. او من صفحة الابراج في مجلة ترفيهية .
هناك ، في تلك الفضائيات رصد لتأثير حركة الكواكب في سلوك الانسان ، وبناء عليه يتم التنبوء والقراءة ، من خلال معلومات وحذق في التحليل.
وبما انها النافذة الوحيدة التي تسر الانسان العربي، تخرجه من دوامة الاحباط، التي تطل عليه من كل الفضائيات العربية الممتدة من المحيط الى المحيط.