حاوره ـ غيث الطراونه - عاب عضو اللجنة التوجيهية في الأجندة الوطنية العين أسامة الملكاوي على المشككين في مدى دستورية اللجنة ورفض ما اسماه «الاستقواء بفكرة مخالفة الدستور»، نافيا «استعانة اللجنة بشركات خبرة أجنبية لتوفير قاعدة معلومات لصياغة الاستراتيجيات». ورفض الملكاوي في حوار مع «الرأي» الخوض في التفاصيل المتعلقة بعمل اللجان المنبثقة من اللجنة ، إلا انه شدد على التوافق حول المبادىء الأساسية الذي لا يمنع من الاختلاف في الآليات.
وحول محور الحريات العامة ، أكد الملكاوي «العمل على إصدار تشريعات ذات طابع توجيهي»، لكنه استدرك قائلا أن «اللجنة لم تنجز بشكل كامل أي محور من محاورها».
وفي سياق تحديد طبيعة العلاقة مع الحكومة أكد الملكاوي «أنها محصورة في وضع الآليات».
في غضون ذلك حدد العين الملكاوي أهداف الأجندة بما ورد في أمر جلالة الملك عبدالله الثاني المتمثل في وضع الأهداف الوطنية التي تجسد رؤية الجميع وتحدد البرامج والسياسات التي سيصبح لزاما على الحكومات المتعاقبة تطبيقها .
وتطرق إلى ما تم إنجازه في اللجان التابعة للأجندة الوطنية وقال انه« من المفترض أن تبدأ باستلام التقارير بعد النصف الثاني من الشهر المقبل» .
وأشار إلى أن ما ستسفر عنه لجنة الأقاليم ولجان الأجندة الوطنية ستشكل خطة عريضة سيتم استكمال عناصرها من قبل الحكومات التي ستتولى تطبيق هذه الأجندة والمجالس التشريعية التي ستساهم في صياغة التشريعات ، ما يعبر في النتيجة عن توافق وطني ، علما بان اللجنة خلال مناقشاتها تأخذ بعين الاعتبار كل المدارس الفكرية والسياسية والاجتماعية في الوطن بحيث تصبح التنمية معبرة تعبيرا صادقا عن الأغلبية الساحقة للمواطنين .
وتاليا نص الحوار :
الرأي : كثر الجدل حول ما تتضمنه توصيات لجان الأجندة الوطنية لكنه لم يتطرق إلى آلية العمل المتبعة في هذه اللجان ، هل لك ان تحدثنا عن هذه الآلية؟
بداية أود ان أؤكد ان عمل الأجندة يتم عبره استعراض واسع لجميع نواحي العمل الإداري المتعلق بإدارة شؤون الدولة وفي هذا الصدد تم تقسيمها الى ثمانية عناوين رئيسية تتعلق بالتعليم العالي والعدل والتشريع والرفاه الاجتماعي وتعميق الاستثمار ، بالإضافة الى محور رئيسي يتعلق بزيادة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وترتيب جميع العلاقات المتعلقة بالعمل السياسي وضمان الحريات .
الرأي : ماهي ابرز ملامح التوصيات التي من شأنها ضمان الحريات؟
لا أستطيع ان ادعي بأنني انطق باسم اللجنة التوجيهية قبل ان تستكمل بحث القضايا والأمور المطروحة عليها ولكنني أستطيع ان اعبر عن المفاهيم العامة والمبادئ الأساسية المشتركة ، والتي ليست موضع خلاف بين أعضاء اللجنة التوجيهية باعتبارها قضايا أساسية لا يستطيع احد الاختلاف حولها ، وينحصر الخلاف حول الآليات والسبل لضمان هذه الحريات .
والمصدر الأساسي للتشريعات المتعلقة بالحريات هو الدستور الذي كفل الحقوق الأساسية والحريات العامة للمواطنين ، واقر حق الأردنيين في تشكيل الجمعيات والأحزاب السياسية ، ومن المبكر الحكم بشكل إجمالي على القوانين التي تنظم الحريات بأنها جميعها تنتهك الحريات ولكن المبدأ الأساسي ان تكون القوانين ضامنة لممارسة هذه الحريات وليست معيقة لها ، وان يقتصر دورها على تنظيم ممارسة الحريات بما يكفل ان لا تشكل ممارسة الحرية اعتداء على حقوق الآخرين ، ومن هنا تم الاتفاق مبدئيا على توصية بإصدار تشريعات ذات طابع توجيهي لتفصيل المبادئ والقواعد المتعلقة بالحريات والمنصوص عليها بالدستور لضمان ان لا تكون القوانين التنظيمية معيقة لممارسة هذه الحقوق ، وتتعلق بممارسة العمل السياسي ومبادئ الحرية الإعلامية الى غير ذلك من القواعد الأساسية الناظمة للحريات .
ويستطيع المعني بالدستور الأردني ان يكتشف انه يضمن جميع الحقوق الأساسية والحريات كما تعترف بها المواثيق الدولية والأعراف والدساتير في الدول المتحضرة ، وان الاختلاف بين الدستور الأردني وبعض الدساتير الأخرى في درجة التفصيل بالشؤون المتعلقة بالحريات وليس المبادئ الأساسية .
الرأي : إلى أي مدى دخلت هذه اللجان في تفاصيل القوانين المرتبطة بالحريات وممارسة العمل السياسي؟
في الواقع ان اللجنة لم تنجز بشكل كامل أي محور من المحاور المعروضة عليها وبالتالي فان كافة الأمور ما زالت تحت المناقشة غير ان التوجه العام لدى اللجنة بان تكون من الشمول بحيث تعطى جميع الجوانب التي تحكم الحياة السياسية الاهمية اللازمة ، ولكنني اعتقد أنها لن تفرط بالتفاصيل حتى تكون الحكومات قادرة على تنفيذ الخطط والاستراتيجيات التي سترد في الأجندة الوطنية ان يشكل ذلك قيدا على حق السلطة التنفيذية واوجباتها في إدارة شؤون الدولة او حقها في المشاركة مع السلطة التشريعية بإصدار القوانين ، حيث انه لا يجوز ان تغير أي وثيقة من السلطات الدستورية التي يتم تحديدها في الدستور لكل من السلطات الثلاث علما بان هذه التوجهات والتوصيات التي ستقرها الأجندة الوطنية بعد عرضها على صاحب الجلالة ستترجم الى تشريعات وخطط تفصيلية تجعلها قابلة للتطبيق وملزمة للإدارة.
الرأي : كثر الحديث والجدل حول التوافق الوطني هل لك ان تفسر ما هو المقصود به؟
عبارة التوافق الوطني عبارة غير محددة المعالم ، حيث يدعي كل طرف من الاطراف الناشطة سياسيا انه يعبر عما يمثله التوافق الوطني، وانا اعتقد ان جلالة الملك قد حرص عند تشكيل اللجنة سواء كانت اللجنة التوجيهية او اللجان المنبثقة عنها والتي يبلغ عدد أعضائها ما يقارب ال250 عضوا يمثلون اتجاهات مختلفة فكريا واجتماعيا وسياسيا وتضم كذلك عددا كبيرا من المختصين في كل قطاع من القطاعات ، وان هذه الأجندة لن تحقق كل الطموحات وإنما ستكون، إضافة الى ما ستسفر عنه لجنة الأقاليم ، وهي خطة عريضة سيتم استكمال عناصرها من قبل الحكومات التي ستتولى تطبيق هذه الأجندة والمجالس التشريعية التي ستساهم في صياغة التشريعات ، ما يعبر في النتيجة عن توافق وطني ، علما بان اللجنة خلال مناقشاتها تأخذ بعين الاعتبار كل المدارس الفكرية والسياسية والاجتماعية في الوطن بحيث تصبح التنمية معبرة تعبيرا صادقا عن الأغلبية الساحقة للمواطنين .
الرأي : تحدثتم عن دور للحكومة في تطبيق توصيات الاجندة الوطنية ، ما هو حجم هذا الدور؟
الواقع ان الاجندة الوطنية لن تترك مجالا كبيرا للاجتهاد في المبادئ العامة المتعلقة بالحريات والحقوق الأساسية للمواطنين ، وإنما ستترك مجالا أوسع للحكومة بوضع الآليات التي تكفل تطبيق المبادئ الأساسية التي حظيت بقدر كبير من التفصيل بحيث يتعذر بعد ذلك ان تنتهك هذه المبادئ بحجة تنظيم ممارسة تلك الخطوط .
الرأي : ماذا عن الشركات التي تساعد في اجراء الدراسات لمساعدتكم على توفير قاعدة من المعلومات؟
اللجنة لم تستعن بأي شركة خبرة أجنبية ، وإنما ومن خلال السنوات الماضية استعانت الحكومات بعدد من دور الخبرة لصياغة خطط واستراتيجيات تتعلق بقطاعات مختلفة شارك فيها مجموعة من الأردنيين بحيث تكون تلك التقارير منسجمة ما أمكن مع الواقع الأردني ، وفي تقديري لا بأس من الاستعانة بنتائج أعمال دور الخبرة تلك بما ينسجم مع الخصوصيات الأردنية فكريا واجتماعيا وسياسيا وارتباطات الأردن مع المحيط العربي والعالمي .
وهذه الشركات ليست موجودة بقصد الأجندة ولكن الكثير من التقارير أعدت من دور الخبرة وهي ثروة ومخزون نفيد منهما في بعض القضايا وليس من الحكمة تجاهل تلك التقارير وإنما يحسن الإطلاع عليها وتمحيصها والاطمئنان إلى أنها تتفق مع الواقع الأردني وخصوصياته .
الرأي : مع اقتراب موعد اعلان توصيات لجنة الاجندة الوطنية ما هي نسبة الانجاز حتى الآن؟
في تقديري نسبة الانجاز حول مختلف المواضيع للجزء الذي يسبق مرحلة الصياغة النهائية جيدة ، وخلال الشهرين الماضيين سيتم استكمال باقي الاعمال « المفاهيم والمبادئ » تم الاتفاق عليها ، ولكن التوصيات بشكلها النهائي سيتم انجازها خلال شهرين أي قبل الموعد المقرر .
الرأي : عودة الى موضوع الحريات ما هو تفسيرك لمفهوم الحريات؟
أرى ان الحريات هي فطرة إنسانية فطر الله الناس عليها وكثير من التعاليم والنصوص الدينية تؤكد على حق الإنسان في ممارسة الحرية ، ولكن اذا لم يكن لهذه الحرية اطر وضوابط تقف بها عند حدود المصلحة الفردية والعامة فان ممارسة الحرية في بعض الأحيان هو اعتداء على حريات الآخرين وفي هذه الحالة ياتي دور السلطة والدين ليضعا حدودا فاصلة بين ممارسة الحرية وبين الإضرار بالغير ، فحرية التعبير ليست السماح لكل فرد بان يقول ما يخطر بباله حتى لو كان يخدش حياء الآخرين او يؤذي تربيتهم ، اذ تقف حدود التعبير عند ما يعتبر مفيدا وصالحا للفرد والمجتمع على حد سواء .
الرأي : ماذا تقول في الجدل الدائر حول تشكيلة اللجان؟
لا اظن انه من المتوقع او المألوف ان تجمع القوى السياسية على لجنة ما لم تكن تشارك فيها ، وفي تقديري ان معظم محاولات التشكيك ينبع من مواقف شخصية وربما أحيانا من واقع الريبة من كل ما تقوم به الحكومة او السلطة الرسمية باعتبار أن ما سيخرج عنها لن يلبي رغباتها كافة .
واعتقد أن من حق اللجنة على هؤلاء المشككين أن يحاكموا النتائج وان لا يعتمدوا على التنبؤات ، علما بان ولاء أي عضو في هذه اللجان للوطن لا يقل عن ولاء اولئك المشككين .
الرأي : ألا تعتقد أن الكثير من التشكيك في عمل لجنة الأجندة الوطنية ناتج عن حالة الانغلاق الإعلامي الذي مارستموه خلال الفترة الماضية؟
لقد ناقشنا في اللجنة موضوع التواصل الإعلامي من قبل أعضاء اللجنة وتم الاتفاق على ان المناقشات قبل ان تستكمل ويتم التوافق عليها لا يكمن التعبير عنها او عن مواقف الأفراد دون الإيهام بان هذه المواقف تمثل اللجنة بمجملها ، علما بان اللجنة تناقش طيفا واسعا من الافكار والمواقف والرؤى دون ان يكون احد هذه المواقف معبرا عن موقف اللجنة بمجملها لذلك تم الاتفاق ان ينحصر الحديث عن اعمال اللجنة المرتبطة بالعناوين والمحاور الرئيسية عبر شخص رئيسها .
الرأي : ما هي الآلية المتبعة لدى اللجنة للاتفاق حول المبادئ التي تتم مناقشتها؟
في الواقع لم اطلع على منهجية العمل المتبعة في اللجان الفرعية ، اذ ترك لكل لجنة منهجية العمل واستقلالية الاعداد للتوصيات والنتائج ، اما في اللجنة التوجيهية واللجنة المصغرة المنبثقة عنها والتي تعنى بموضوع المشاركة الشعبية والتنمية السياسية فقد تم الاتفاق على اعطاء اللجنة فرصة واسعة للحوار حول كل نقطة خلافية للوصول الى توفيق وتفادي اللجوء الى التصويت ، ولم تصل اللجنة الى نقطة تستدعي التصويت، واعتقد انه من الممكن ان نصلها .
الرأي : هل انتهت بعض اللجان من اعمالها؟
من المتوقع ان يبدأ ورود التقارير في النصف الثاني من شهر تموز المقبل .
الرأي : ما هو ردك على المشككين في مدى دستورية اللجنة؟
من المعيب المبالغة في استعمال فكرة مخالفة الدستور للاستقواء وتعزيز مواقف سياسية ناقدة ، وذلك لأن عمل اللجنة والتقرير الذي سيصدر عنها لن يعتبر دستوريا أي تنفيذا لحكم دستوري ، وليس عملا تشريعيا بمعنى ان له قوة القانون ، وإنما هي خطة تكلف الحكومات من قبل جلالة الملك بتنفيذها سندا لسلطاته الدستورية ويكون دور الحكومة هو إخراج المبادئ والمفاهيم والتوصيات في شكل تشريعات او قرارات إدارية هي من صميم واجب الحكومة أي ان تقرير اللجنة لن تكون له صفة دستورية إنما له إلزام أدبي يتم تنفيذه وفقا لمبادئ الدستور .
وفي النتيجة اعتقد أن النتائج التي ستسفر عنها أعمال اللجنة ليست إبداعا ذاتيا من أعضاء اللجنة وإنما حصيلة مبادئ وتشريعات واردة في الدستور الأردني وفي المواثيق الدولية والمبادئ الإنسانية المستقرة ومجموعة الدراسات والخطط والتقارير التي سبق إنجازها من أجهزة الدولة ودور الخبرة التي تم التعاقد معها لتقديم خدمات تتعلق ببعض المحاور ، ومن ثم الوصول الى رؤية مشتركة بين أعضاء اللجنة حول ما يعتقدون انه الأصلح للوطن وانه يخدم حاجات المواطنين ويرتقي بمستوى الأداء الحكومي ويزيد من النتائج الايجابية لاستخدام الموارد وخلق مجتمع سيادة القانون ، واعتقد أنها ستؤدي الى نتائج ايجابية تكون في مصلحة المواطن وتعزيز بناء الوطن .