العقبة - بترا - ربى الخصاونة - اقترب ونحن نجلس على شاطىء البحر طفل لا يتجاوز الرابعة عشرة من عمره يبيع الشاي فبادرته بالسؤال ما الذي يدفعه للعمل وهو في هذا السن الصغير فرد بجواب تجلت فيه مرارة ومعاناة يعيشها الطفل وكثير من أمثاله قائلا «أتظنين أننا لا نرغب في أن نكون سعيدين ومرتاحين كباقي الاطفال. انظري اليهم وهم يمرحون ويركضون ويلهون برمل البحر بينما أنا وبعض الاطفال أمثالي كتب علينا التعب والشقاء».
وكادت دمعة أن تسقط من عينه ولكن رجولته المبكرة التي فرضتها عليه الحياة جعلته يحبسها.
بدت علامات الاجهاد والارهاق على وجهه والوهن والضعف والنحول على جسده كيف لا وهو يقضي ساعات طويلة ويتجول على الشاطىء أذ يعمل ما يزيد على عشر ساعات.
اضطر لترك المدرسة والخروج للعمل في سن صغيرة لعجز والده متحملا مسؤولية اسرة كبيرة مكونة من 6 أفراد هو اكبرها من الذكور.
قبل يومين شارك الاردن العالم الاحتفال باليوم العالمي من اجل القضاء على عمالة الاطفال الذي أقرته منظمة العمل الدولية عام 2003 وقد باتت هذه الظاهرة تزداد انتشارا في المملكة في العقدين الاخيرين بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة للعديد من الاسر وحاجتها لتأمين الدخل الكافي، فبعض الاسر تعتمد اعتمادا كليا على أطفالها في ذلك.
وهناك عدد من الدراسات والاحصائيات التي نشرت عن عمالة الاطفال في الاردن بشكل عام تشير الى عدد كبير من الاطفال العاملين الذين يتركون المدرسة. أحدى الدراسات الهامة التي أجريت عن الفئات المهمشة والتي أجراها المجلس الاعلى للاسرة بالتعاون مع البنك الدولي عام 2003 كشفت عن نسب تراكمية لفئة الاطفال الذين تسربوا من المدارس على مدار عشر سنوات فترة التسعينات حيث قدر عددهم بأكثر من 80 الف أعمارهم عند التسرب كانت اعمارهم تتراوح من 10-15 سنة ودخلوا سوق العمل.
ان العديد من هولاء الاطفال يعملون في مهن خطيرة وفي ظروف صعبة وبالرغم من تأكيدات منظمة العمل الدولية والمواثيق الدولية والعربية للحد من هذه المشكلة أو تنظيمها0 وبينت دراسة اخرى أجريت في منطقتي الشلالة والبلد القديمة في العقبة بالتعاون بين سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ومؤسسة كويست سكوب للتنمية الاجتماعية في الشرق الاوسط. أن السبب الحقيقي وراء عمالة الاطفال في هذه المناطق ليس الفقر بشكل مباشر، بل عوامل أخرى من أهمها أن العديد من أرباب الاسر يجبرون أبناءهم على العمل لتأمين مزيد من المال لتغطية نفقات أخرى كتعاطي المخدرات وغيرها من الاحتياجات المكلفة
واشارت الدراسة أن عمالة الاطفال اخذة بالزيادة بشكل واضح ولاسباب كثيرة منها الوضع الاقتصادية وعدم وجود معيل في الاسرة
وكما بينت الدراسة ما يرتبط بهذه المشكلة من مشاكل أخرى كالتعرض للاساءات والخطر وقلة التعليم وتعلم عادات وسلوكيات خطيرة. أن التعامل مع هذه المشكلة أو الظاهرة يتطلب جهودا مضاعفة وبرامج شاملة لا سيما في مجتمع يشكل الشباب فيه اكثر من 70% من سكانه.
