عمان ـجمانة غنيمات - تبدو العلاقة العكسية واضحة بين ضعف مشاركة المرأة الفقيرة في النشاط الاقتصادي وبين اعتمادها على المعونات والمنح المالية المقدمة من جهات رسمية أو تلك المقدمة من أفراد مقتدرين . وبما أن الفقر في الأردن اكتسب سمة التأنيث في الآونة الأخيرة وفق ما أكدته الأرقام الرسمية حيث باتت المرأة ترأس 3ر15% من العائلات الفقيرة مقارنة مع 1ر14% يرأسها رجل وحده.
«ووجد لدى النساء المطلقات مستوى أعلى للفقر من ذلك الذي تعيش في ظله نساء متزوجات أو أرامل حيث بلغت نسبة الفقر لدى هذه الفئة 37%» بحسب الأرقام الرسمية ما يجعلها الأكثر قابلية للتعرض للإيذاء بين كل مجموعات الاسر سواء التي يرأسها رجال أو نساء.
مما يقود إلى ضرورة استهداف هذه الفئة (النساء المنفصلات عن ازواجهن)من قبل برامج الحماية الاجتماعية وربطها بتدريبهن على الإنتاج التجاري في مجال الأشغال اليدوية وصناعة الملابس.
فان معالجة فقر الاسر التي ترأسها امرأة تتطلب مقاربة خاصة وإعادة النظر في سبل منح المساعدة من المعونة الاجتماعية وآليات إنفاق هذه الأموال خصوصا وان النساء يرأسن نحو 10% من الاسر الأردنية لجعل هذا الدعم أداة لزيادة مساهمة المرأة الاقتصادية لا تقليصها.
وتتجلى سبل الحل في استخدام الأموال المقدمة للنساء في إنشاء مشاريعهن الخاصة التي تغدو مع الزمن مورد دخل ثابتا يحسن من أوضاع النساء ويرتقي بهن الى ما فوق خط الفقر ويكفل توفير حياة أفضل لهن ولعائلاتهن .
بحيث لا يقتصر دور الجهات المقدمة للدعم سواء حكومية أو خاصة على إعطاء مبالغ قد لا تكفي لتوفير الاحتياجات الأساسية من مأكل وملبس وسكن بل يتعداه إلى دعم هذه الفئة من النساء للاعتماد على أنفسهن لتعزيز مكانتهن وزيادة مشاركتها الاقتصادية.
وتؤكد دراسات رسمية إمكانية زيادة نسبة الاسر التي ترأسها امرأة بما يعادل 50% في حال توقفت التحويلات المالية الخارجية التي تصل لهذه الأسر.
ويشكل اعتماد المرأة الفقيرة على برامج المعونة الوطنية وغيرها من صنوف المساعدات المالية مصدرا لقابلية التضرر بالنسبة للأسر التي ترأسها امرأة حيث تميل إلى الاعتماد على ما يتأتى من المعونات وتبتعد عن المشاركة في الأنشطة الإنتاجية (سواء كانت أجورا أو انتاجا للحساب الخاص)
ويؤدي تفضيل المرأة الحصول على المعونات إلى إضعاف مشاركتها الإنتاجية مقارنة بالاسر التي يرأسها الرجال مما يزيد من ضعف مشاركتها في القوى العاملة واتساع نطاق البطالة لديها
ولهذا الاعتماد الشديد على المعونات المالية اثر سلبي كبير على تعزيز مكانة المراة وعلى قدرتها في التأثير على العوامل الخارجية التي من شأنها تحسين أوضاعها الحياتية.
وبسبب ارتفاع معدلات الخصوبة عند الفقراء إلى 2ر5 مولود خلال الفترة الإنجابية للمرأة في الفئة العمرية 15-49 مقارنة مع ما معدلة 1ر3 مولود لغير الفقراء فان ذلك يعني ارتفاع حجم الاسر الفقيرة و نسبة الإعالة مقارنة بالاسر غير الفقيرة.
وتؤكد الدراسات أن هناك فارقا في معايير الفقر بين الاسر التي ترأسها امرأة وتلك المرؤوسة من الرجل حيث كان معدل الفقر لدى الاسر التي تقودها المرأة أعلى من التي تدار من قبل الرجل.
وثمة فجوة بين الأطر السياسية والقانونية المعلنة من جهة وواقع الحياة اليومية التي تعيشها النساء الفقيرات من جهة أخرى حيث تعتبر النساء أن التمييز حسب النوع الاجتماعي واحد من العوامل المهمة التي تقيد قدرتهن على المطالبة بحقوقهن في جميع مراحل حياتهن مما يلحق الضرر بسبل معيشة الأسرة.
ولإنصاف النساء فلا بد من ترجمة الالتزامات الرئيسية المنصوص عليها في الاتفاقيات العالمية مثل اتفاقية إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتأكد من مراعاة مقتضيات النوع الاجتماعي لدمجه في المؤسسات الحكومية.
يضاف إلى ما سبق ضرورة التركيز على النساء الفقيرات وحقوقهن الاجتماعية والاقتصادية مثل الحصول على المسكن والحماية من الإساءة والعيش الكريم للأطفال والمسنين.
وإزالة العوائق أمام النساء الراغبات في المطالبة بحقوقهن إضافة إلى ضمان حصولهن على الحد الأدنى للأجور حيث تضطر النساء الفقيرات إلى قبول العمل بأجور زهيدة وظروف سيئة لتأمين أي مبالغ مالية توفر لها ولأسرتها بعض الاحتياجات ووضع تشريع حول تساوي الأجور وتكافؤ الفرص.