اهالي عيرة يعتبرونها ذخيرة ، وان كان احد منهم لايكاد يعرف اسمها كما هو في شهادة الميلاد .هي أم منصور الخالة والعمة والجدة العتيقة الحاضرة بهذا الزمان والمطلة عليه بروح الماضي الأصيل العتيد لا تتنكر لزمان غمره التطور التكنولوجي والتقدم العلمي والمعرفي بل تعترف بأن لكل جيل طباعه وطقوسه بما يحكم الإنسان بأعراف وتقاليد نبيلة ركزت على أن يتوارثها الأجيال وأن يحملوها معهم أينما كانوا لتكون لهم كفانوس ينير لهم درب المحبة والمعرفة وبما يتناسب مع زمانهم .
وعندما سئلت أم منصور عن الفرق بين أيام زمان وعن الوقت الحاضر قالت بإن أيام زمان جنة حيث كان الناس آنذاك يعيشون عيشة البساطة الممزوجة بالقناعة وكانوا أقل عرضة للمرض والسبب يعود لأن أسلوب حياتهم وطبيعة أعمالهم في الزراعة والتعامل مع الأرض بشكل مباشر يجعل منهم أناسا ذوي حماس وحيوية وعطاء.
أما في هذه الأيام فقد ابتعد الشباب عن هذا الجانب وهو العمل في الأرض مع أنه جانب مهم ومفيد حتى ولو كانوا يعيشون زمن تطور وتقدم .
وأضافت أم منصور بإنه في الماضي كانت كل عائلة تزرع خضراواتها في حديقة المنزل وهذا يعني أنه يوجد اكتفاء ذاتي لكل أسرة عدا تربية المواشي التي كانت مهنة الرجال في ذلك الحين . أما اليوم فقد أصبح الشباب يخجلون من هذه المهنة ويريدون أن يعملوا في الوزارات والدوائر الرسمية وأن يجلس الواحد منهم على مكتب .
أما عن الزيارات بين الناس ومجالسهم فقالت أم منصور أنه زمان كان الناس أقرب وصلات الرحم أكثر والعلاقة أخلص .فإذا وقع أحد الأقارب أو الجيران بمحنة يهب جميع الناس لاعالته وتخليصه من محنته والوقوف بجانبه وكنا نسهر عند بعضنا البعض الرجال مع النساء دون أن يكون هناك أي خوف من هذه العلاقات . أما اليوم فلا توجد علاقات جيدة بين الناس وصار الأبناء بعيدين عن أهلهم والأب أصبح يدخل منزله كأنه ضيف والأم لا تعرف ماذا يعمل أولادها وصلات الرحم قليلة بين الناس وصار بينهم بعد كثير ولا يرون بعضهم الا في المناسبات القليلة. وبرغم ان المسافات كانت بعيده . الا أن الناس كانوا يذهبون لتأدية واجباتهم الدينية والاجتماعية . أما اليوم فقد صار كل واحد لا يسأل إلا عن نفسه حتى بين الأخوان .
وعن موضوع الزواج أيام زمان قالت أم منصور أن العريس في أغلب الأحيان كان لا يعرف من هي التي سيرتبط بها إلا أنها بنت أصل وفصل وبنت فلان من الناس الذي يعرف بالصفات الحميدة واذا كان العريس لا يملك ثمن تكاليف الزواج يقوم الأقارب بجمع مبلغ أو توفير كل مستلزمات الفرح وإتمام الزواج والمهم عندهم أن يوفقوا بين اثنين وأن تصبح لهما أسرتهما الخاصة بهم وأن يعيشا حياة مستقرة اضافه إلى أن المهور في ذلك الحين كانت قليلة و(مبروكة) حسب تعبير أم منصور .
أما هذه الأيام فقد أصبحت نظرة الشاب أو الفتاة نظرة ظاهريه للأمور المهم الحفلة التي تقام في مكان فخم وفستان العرس يجب أن يكون ماركة عالمية والأثاث فاخرا وبأغلى الأثمان حتى أصبح عدد العازفين عن الزواج كبيرا وهذه مشكلة في هذا العصر يجب التخلص منها والعمل على إيجاد الحلول لها .
ووصفت أم منصور عملية زواجها من أبي منصور بالزواج التقليدي ولم تكن تعرفه وقد تعرفت عليه فقط ليلة الزواج لانه في ذلك الحين لم تكن المرأة تستشار في عملية اختيار شريك حياتها حيث انتقدت أم منصور هذا الأسلوب وقالت بأن الفتاة لها الحق قي أن تختار شريك حياتها والانسان الذي ستعيش معه العمر كله هذه نعمة من نعم هذه الأيام .